وادي عدم في ذاكرة التاريخ

وادي عدم في ذاكرة التاريخ
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم وبعد :

أخي القاري : لا نزال على درب البحث , والغوص في أعماق التاريخ , لإظهار ما خفي من ماضي (عدم) , هذا الوادي الذي كان له بصمات أثرت في مجريات التاريخ , وفي نفوس أبناء مديرية ساه , كيف ولا ؟! وهو الوادي الذي احتضنهم في الرخاء والشدة , والخير والقحط , إنه وادي الخضرة والنخيل والمياه والسيول , إنه وادي عدم الذي عرف بالاستيطان البشري , منذوا عصور مبكرة في تاريخ الحضارات العربية القديمة , فخلال تلكم الحقبة نشأت وترعرعت مملكة حضرموت ,تلكم حضارة بادت لم نرى منها دورها ولا قصورها ولا موائدها ولكننا نحتفظ بعلومها وفنونها وتاريخها , فهل ستحفظ أجيالنا تاريخ أجدادنا ؟؟

لمحة موجزة عن هضاب و أودية مديرية ساه : تقع المديرية ضمن هضبة حضرموت الجنوبية , وتتكون من عدة هضاب وأخاديد , وثلاثة أودية كبيرة هي : 1) وادي عدم : ويسكنه العوابثه وآل عبودان وآل باوزير وغيرهم 2) وادي زبون : ويسكنه بدو رحل 3) وادي رسب : ويسكنه آل يماني الذين ينتمون إلى قبيلة آل جابر والسادة وآل بلهيج باوزير وغيرهم , وتلتقي هذه الأودية جنوب العاصمة ساه , لتشكل وادياً واحداً ,, ويبلغ طول وادي عدم ( 153كم2) حيث يعتبر أطول وادي ورافداً لوادي حضرموت الرئيسي, ويطلق عادة اسم وادي المسيلة على الجزء من الوادي الرئيسي من نقطة التقائه بوادي عدم إلى مصبه على البحر العربي .

وادي عدم في اللغة : يقول ابن منظور في لسان العرب:( وعدم وادي بحضرموت كانوا يزرعون عليه فغاض ماؤه قبيل الإسلام فهو كذلك إلى اليوم.) وقال فيروز أبادي في قاموسه المحيط ( عذم ـ بالذال ـ هو وادي باليمن ) , ويقول الأندلسي في معجم ما أستعجم : (( ووجد بحضرموت حجر مزبورــ أي مكتوب ـ فيه عدم عدمه أهله )) , وقال صاحب كتاب ( ادم القوت في تاريخ حضرموت )

[ وعدم ـ بعين ودال مكسورتين ـ أكبر لا أكثر مجاري السيول بحضرموت , تنهر إليه مياه النجد الجنوبي بحضرموت عدا ما يسقط إلى الساحل وما يفضي إلى وادي سناء , وكل مياهه تذهب ضياعاً لا تنفع إلا ما في عين المسيل من النخيل , وتلتقي مياهه مع مياه سر عند طرف جبل كحلان ] أهـ وقد كان أسم الوادي قديماً يدعى الريان كما في القاموس المحيط لخضرته وكثرة المياه حتى أتت السيول وعدمت كل شي وجعلته أثر بعد عين ,, ومعنى عدمكما جاء في مختار الصحاح للرازي :( هو الفقر , وعدمت الشيء أي فقدته , وأعدم الرجل أي أفتقر , فهو معدوم وعديم) وأرض عدماء كما في القاموس المحيط ( أي بمعنى أرض بيضاء )

تواريخ أشهر السيول :

واليكم بعض تواريخ أشهر تلكم السيول التي تذهل العقول والغرايب والعجائب التي فيها حسب كتاب العدة لأبن حميد الكندي لتاريخ حضرموت..

*سيل الحيمر:. وفي سنة 963هـ أخر شهر جماد الأخر الموافق 1556م ضرب الحيمر في الشحر ونواحيها ولم يزل الخراب بأهلها إلى سنة 968هـ الموافق 1561م .

* سيل حضرموت والمهرة الأول:. في سنة 970هـ حصل بشهر شوال الموافق1563م لليلة الثلاثاء أخر من أخر نجم الإكليل غيث مع عاصفة على الشحر ونواحيها وأستمر ذلك ليلاً ونهاراً إلى ليلة الخميس فحصل مطر غزير من غير ريح أكثر وأغزر من الأول عم حضرموت ساحلها و واديها و المهرة فخرب البيوت والمساجد وأخذ جملة من النساء بحليهن لأنه كان يوم زينة عيد الفطر, و أخذ نخلاً كثيراً من غيل عمر وغيل باوزير, وأغرق ما يقارب حوالي 39 مركب في المهرة .

* سيل الثريا :. في سنة 998هـ الموافق1590م فاض وادي عدم وقلع نخلاً كثيراً وعرف ذلك السيل بسيل الثريا فقال الفقيه عبدا لله بن أحمد فلاح مؤرخاً له

فاض بالاحقاف سيل غادر النخل خويا *** أن ترد تاريخه قل عم طوفان الثريا .

* سيل الإكليل :. من 12 ــ 17 صفر 1049هـ الموافق 13/ 6/ 1639م الاثنين سال وادي عدم فخرب دورا ونخلاً لاتحصى ومن لطف الله تعالى أن سيل دوعن لم يلتقي بسيل عدم إلا بعد العصر وقد خف سيلانه فكان في الشدة كأشد الأنهار وأصغر البحار فوجد الأرض أمام قد لانت فأخرب ماتبقى له وقد أرخه بعض الأدباء فقال :

وفي صفر سيل سابع عشر *** بتاسع أكليل أتى ضبطه مغط طغى إذا عدا في حضرموت حدوده *** طغى النخل في طوفانه عامه غمط

* سيل الهميم الثاني :. في نجم الحوت ليلة الأربعاء 26 رمضان 1120هـ الموافق 8/ 12 / 1708م الأحد سالت أودية حضرموت عامة بسيول كثيرة فوقع الخراب والدمار في بيت مسلمة ومسيلة عدم وبطحاء شبام فشل نخلا ودورا وأنفس لاتحصى وابلاً وغنماً فأفتقر أكثر الناس بسبب ذلك والأمر كله لله

* سيل المسيلة:. بعد مضي 20 شعبان 1268هـ الموافق 8 /6 / 1852م الثلاثاء وقع غيث عم الوديان عمد , هينن , جعيمة , وعدم ,.. فتجمعت مياة السيول في المسيلة أمر لايعهد حيث طلع ارتفاعاً ما قد بلغه على مايعلم فأخذ نخيل قرية البيت ومحراث وسبول وغير ذلك ولله الأمر من قبل ومن بعد

*طوفان ساه:. ففي فجر يوم الجمعة من10 نجم الحوت 25 شوال 1429هـ الموافق 24 أكتوبر 2008م جاء سيل كبير لم يشهد التاريخ مثله , وارتفع ارتفاعا كبيراً , فأخذ البيوت وقتل الأنفس ودمّر المنشئات الحكومية من طرق و كهرباء ومدارس ومستشفيات وأراضي زراعية وثمار وزروع ودفن الآبار , وبكاء لأجله الصغير والكبير والذكر والأنثى,,

مراجع هذه البحث

1) لسان العرب لابن منظور

2) القاموس المحيط للفيرز آبادي

3) المختار الصحاح للرازي

4) معجم ما أستعجم للأندلسي

5) ادم القوت في تاريخ حضرموت للسقاف

6) العدة المفيدة لتواريخ حضرموت القديمة و الحديثة لأبن حميد الكندي

7) قنيص الوعل في حضرموت عبدا لرحمن جعفر بن عقيل

8) النباتات و الإعشاب النافعة في حضرموت غازي رشاد الكثيري

9)مديرية ساه خبايا الماضي و أشعاع الحاضر حنبل و ابن الشيخ أبوبكر

» ذاكرة الإنسان.. ومشاكلها
» ديربي وادي حضرموت
» بصمات الرجال ،،،في ذاكرة الاجيال
» توزيع حقائب وأزياء مدرسية لطلاب وطالبات عدد من مدارس التعليم الأساسي في وادي حضرموت والصحراء
» شخصيات منسية في الغيل قد يجهلها التاريخ