من اروع قصص الزهد والرقائق !!!

يحكي أن ملك بناء قصراً فاخراً جمع في بناءه امهر بنائي عصره وفرشه بأفخر المفروشات واقسم إن يهدّ القصر أن وجد فيه عيباً واحداً من أي زائر.

وفي يوم افتتاحه دعي كل أعيان البلد وكبارها واشترط عليهم بان لا يخفوا عنه أي عيباً يشاهدونه في القصر.

وعند انصراف الضيوف أوكل على كل باب من يسألهم عن ما شاهدوه من عيوب في القصر فكلهم أثناء على القصر ودعا للملك بطول العمر وطيب السكن .

ولكن احد المدعوين حين سألوه هل راءت عيبا في القصر ؟؟؟

أجاب : نعم وليس عيبا واحد بل اثنان !!!

اندهش الحراس : عيبان اثنان !!! وغيرك لم يلاحظ أي عيب !!

وسألوه: ما هما تلك العيبان ؟

فقال لهم لن اخبر أحداً غير الملك!!

بلغ الخبر إلى الملك : فاندهش وقال :لم أكن أطيق واحتمل أن أشاهد عيبا واحد في القصر فيأتي احدهما بعيبان اثنان !! احضروا ليّ هذا الرجل !!

وحين حضر الرجل :سأله الملك لقد قيل لي بأنك راءت عيبان في القصر ولم يشاهد غيرك أي عيباً !! فكيف راءتها أنت وغيرك لم يراها ؟ وآي العيوب تلك التي راءتها ؟؟

فأجاب الرجل : يا سيدي الملك لقد راءتها لأني أراء بعين البصيرة وأمعن التفكير في ما أراء وغيري يراء بالبصر ولا يقلب البصيرة والفكر في ما رائه !!

اندهش الملك !! وأعاد عليه السؤال ثانيه !! وآي العيوب تلك التي راءتها ؟؟

فأجاب الرجل : يا سيدي الملك :

إما العيب الأول : فان هذا القصر سوف يُهدم وتدمر أركانه يوماً ما فقد ذهبت ممالك ومُحيت أثار قصورها وهو لاحق بهن لا محالة !!

وإما العيب الثاني : بان صاحب هذا القصر سوف يموت فما هي إلا أيام وتنقضي والليالي وتجلي حتى يأتي أمر ربك وما الدار إلا ما يعمرها الإنسان بصالح الإعمال لنفسه بعد الممات .

فاهتزت فرائص الملك وترك ذلك القصر وزهد في الحياة حتى وفاه الأجل !!

وفي ذلك يقول أبو العتاهية وهو ينصح هارون الرشيد في قصة تكاد تكون مطابقة لما سبق :

عش ما بدا لك سالما ** في ظل شاهقة القصور
يسعى عليك بما اشتهيت ** لدى الرواح أو البكور
فإذا النفوس تقعقعت ** في ظل حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا ** ما كنت إلا في غرور

» الآداب والأخلاق والرقائق » الأخلاق » الأخلاق المذمومة
» اروع وأجمل الحكم