غيل عمر وزراعة شجرة النخيل
لقد اشتهرت مناطق غيل
عمر بزراعة أشجار النخيل وكانت الحضن الحنون والقلب الرحيم لأهالي وادي حضرموت
أوقات المجاعات ولذلك لقبت
(بأم اليتيم ) .
ولقد ميز الله منطقة غيل عمر بكل المقومات الضرورية للزراعة فهي من أخصب مناطق
مديرية ساه زراعياً , وتتنوع بها مصادر المياه بين أنهار وعيون وأبار ذات المياه
العذبة والوفيرة , وتشتهر منطقة الغيل
بزراعة أشجار النخيل وبها أصناف مختلفة من أشهرها [ الحمراء ،الحاشدي ، المعشري ،
السقطري ، السمينة , الجزاز] وقد بلغ عدد غرسات النخيل مابين عامي
( 1997م إلى 2001م) حسب إحصائية مكتب الزراعة والري
بمديرية ساه ( خمسة عشر ألف وسبعمائة نخله )0
ولأهمية
هذه الشجرة ( شجرة النخيل ) فلقد رحل من أجلها إلى مناطق غيل عمر جمع كبير من
الناس من وادي حضرموت وساحله في وقت فصل الخريف وقطف الثمر لأجل أن يأخذون حصتهم
ونصيبهم من هذه الشجرة , ومنهم من يشتغل أيام وليالي في مناطق الغيل في مكان يقال
له
( المقطعة ) وهو المكان الذي يوضع فيه
التمر, ويسكن فيها لأجل الحصول على نصيبه من هذه الشجرة , فأصبحت منطقة الغيل مأوى
للنازلين فيها ومشهورة بزراعة هذه الشجرة , ضف إلى ذلك تحمّل المسافات الشاسعة
التي يرحلها البدو من مناطقهم متوجهين على رواحلهم إلى هذه البلد الطيبة
( غيل عمر ) !! لأجل حضور موسم القطيع , ويجلسون
الشهور الطويلة حتى ينتهي موسم القطيع , والواحد منهم يتعب ويكدح لأجل الحصول على ما
يكفيه من التمر له ولأهله .
ولأهمية
هذه الشجرة أيضاً فقد كان الآباء في السابق يعتمدون عليها اعتماداً كلياً ,
فيقدمونها عند الغداء والعشاء , ويقدمونها كذلك كوجبة رئيسية عند نزول الضيف مع
فنجان القهوة
( الشريخ ) بالعامية , وهي
من عادات الضيافة عندنا في القديم , وصدق
النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال :
( بيت ما فيه تمر جياعٌ أهله ) ولأهمية
هذه الشجرة فقد كان الشعراء والأدباء ينظمونها في قصائدهم حتى قال قائلهم مادحاً
تمر الغيل وشهرته , وهو الشاعر سعيد سالم باعديلة من أهالي مديرية تريم حيث قال :
كذا اللي حصل مني جوابك قل
لبو سالم فهم * لو ما عمر في الغيل باندعي للنخلة بالجذمولعاد بانخـسر سلـمنا مـن
كـسيره والعـجـم * الله يبارك فـيه مصوَّر نعمة الحوض الدهم اللي كفى تمره من الصفراء*
إلي شرقي قسم * ذا لي حصل مني حكـم الله جـاري بالحكم ما
يـنـفع الـتحذير وألا نذر لي خـط الـقـلـم * والختم صل على محمد اللي به المقصود
تم وقد خصص الآباء
والأجداد نصيباً من هذه الشجرة وقفاً لازم على المساجد أو من يقوم بعمارتها
وتصدقوا بذلك , وهذا إن دل على شيء إنما يدل على حبهم للمساجد وأهلها وكثرة هذه
الشجرة عندهم .
فكانت غيل عمر مشهورة
بالتمور ,لا تعرف إلا بهذه الشجرة العظيمة , فكلما ذكرت الغيل ذكر تمرها !! إلا
أنه في الآونة الأخيرة ماتت الأشجار الكثيرة منها ولم تعد ذات أهمية وذلك لأسباب
كثيرة منها ظلم العباد لبعضهم البعض وعدم إخراج حقوق الناس وميراثهم , ومنها
التلاعب في زكاتها التي لا يؤديها إلا النفر القليل , ومنها كذلك العبث بثمر هذه
الشجرة وإعطائها الحيوانات كعلف رسمي لها !! , ومنها آفة مرض الدوباس الخبيثة ,
وما بقي من هذه الشجرة أخذته كارثة السيول الأخيرة عام 2008م نسأل من الله العفو
والعافية
(( وحسن الله عزائنا في هذه الشجرة ))بدل ما كان أهالي مناطق الغيل يصدّرون التمر لغيرهم , أصبحوا الآن للأسف يستوردون
التمر من مناطق أخرى فهل من معتبر يا مسلمون !!!!!!! اللهم سلم سلم ..
كتبه : صالح حسن بن قوقه إمام وخطيب جامع النور بالنويدرة